روى البخاري في الأدب المفرد وابن ماجه وصححه ابن خزيمة من حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين]. قال صاحب الزوائد هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات احتج مسلم بجميع رواته .و قال الشيخ الألباني : (صحيح )وهو في صحيح الجامع برقم 5613 . وفي صحيح الترغيب برقم 515 .
وحسد اليهود هنا ولا شك دليل على فضيلة شعيرة السلام والتأمين ، ولذلك فإننا نعرض في هذا البحث إلى بعض أحكام السلام وفضائله سائلين المولى العون والسداد .
أولاً : متى شرع السلام :
في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما خلق الله آدم قال : اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس ، فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال : السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله . الفتح 11/5 .
وفي هذا دليل على أن مشروعية السلام كانت من عهد أبينا آدم ، وإنها التحية التي جعلها الله لخلقه من ذرية آدم وقد استمرت هذه التحية يعلمها الرسلُ لأممهم كما جاء ذلك واضحا في أكثر من آية في كتاب الله تعالى : مثل قوله تعالى : {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود : 69] وقوله تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان : 63]
ثم اندثرت مع الجاهلية المظلمة التي كانت قبل الإسلام ، فإن أهل الجاهلية استبدلوا هذه التحية الإلهية بمثل [أنعم بك عينا] و[أنعم صبحا ]أو [طاب صباحك] و نحوها . حتى جاء نبي الهدى صلى الله عليه وسلم فأحيى به الله ما أندثر من طيّب الأفعال وحسن الأخلاق . فكانت تحية أهل الإسلام " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " حتى أصبحت شعار أهل الإسلام ، فكانت قذاه في أعين أهل الباطل ولذا كان حسد اليهود لأهل الإسلام على هذه النعمة التي أنعم الله بها عليهم ، فهل يستشعر أهل الإسلام وأبناء المسلمين ما لهذه النعمة من فضل فيعملوا على إحيائها والاعتزاز بها.
[img]
[/img]