رابعا : من اشراط الساعة ، وعلاماتها أن يكون السلام للمعرفة
إن مما يلاحظ في هذا الزمن إن كثيراً من الناس لا يسلّم إلا على من يعرفه دون من لا يعرفه ، والغالب والله أعلم أن سبب ذلك أن السلام عند هؤلاء أصبح عادة فقط ، تعوّدها من المجتمع الذي يعيش فيه ، فلا يخطر بباله أن هذه التحية عبادة يؤجر عليها ويثاب على فعلها ، ولا يخطر بباله كذلك أنها شعيرة من شعائر دين الإسلام .
وهذا الفعل الذي أصبح ظاهرة في الناس ، هو أحد المعجزات التي تدل على صدق نبوة الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم ، فقد أخبر بأبي هو وأمي أن هذا سيكون في آخر الزمان وقد كان كما أخبر صلى الله عليه وسلم ،فقد أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّهُ " مَرَّ بِرَجُلٍ فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاس زَمَان يَكُون السَّلَام فِيهِ لِلْمَعْرِفَةِ " فتح الباري باب السلام للمعرفة وغير المعرفة 11/27
وأخرج الطحاوي والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود مرفوعا ولفظه:[ إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل بالمسجد لا يصلي فيه ، وأن لا يسلم إلا على من يعرفه ]ولفظ الطحاوي " إن من أشراط الساعة السلام للمعرفة " فتح الباري لأبن حجر باب السلام للمعرفة وغير المعرفة 11/27 .
وهذا شبيه بمن لا يحسن إلا لمن يحسن إليه ولا يصل إلا من يصله والذي قال فيه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم محذرا : ( ليس الواصل بالمكافئ إنما الواصل من يصل من قطعه ) وفي رواية : ( إذا انقطعت رحمه وصلها ) صحيح الجامع 5385 .
فالسلام للمعرفة ضد إفشاء السلام ، وإفشاء السلام هو إظهاره ، والمراد نشرة بين الناس ليحيوا سنته . الفتح 11/23 .
وفي الحديث : ( أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وقوموا بالليل والناس نيام : تدخلوا الجنة بسلام ) . رواه أحمد وابن حبان والحاكم وهو في صحيح الجامع برقم 1085 .